كيفَ تكونُ حكايةُ كلِّ مغتربٍ عن أهلِه اليومَ ؟!
غريبٌ أمرُ هذا العالمِ، هذا العالمُ الذي أصبحَ متشابها جدا لأبعدِ درجةٍ تقومُ بتصوُّرِها في ذهنِك... ابنُ الصحراءِ أو البدويُّ الذي كانَ في يومٍ من الأيامِ شخصٌ طارئٌ على المدينةِ حالَ زيارتِه لها، يصبحُ اليومَ أحدَ أفرادِها الممزوجين داخلَها مزجاً تاما، لا يمكنُك أن تفرقَ بينَه وبينَ ابنِ المدينةِ الأوَّلِ الذي وُلدَ فيها وترعرعَ بينَ جُنُباتِها! قد يتحدثُ مثلُ ابنِ المدينةِ، وقد يأتي بجملةٍ أو كلمةٍ تنسلُّ من فمِه دونَ شعورٍ منه؛ ليكشفَ أنه ابنُ الباديةِ والصحراءِ (الغريبُ)، قد يملأه الفخرُ وقد يستحيي وينكفئُ على نفسِه، أو ربما يقومُ بشرحِ ما جرى على لسانِه لمَنْ هم حولَه؛ ليقشعَ جوَّ الغرابةِ الذي ملأَ المكانَ بكلمتِه أو لهجتِه تلك! هذا العالمُ الفسيحُ الذي يصبحُ صغيرا أكثرَ ومرعبا أكثرَ؛ لأنّ مثالَ الباديةِ والمدينةِ ينطبقُ على العالمِ أيضاً، فبينَما أنت تقرأُ هذهِ الكلماتِ فهناك شخصٌ آخرُ أيضاً في طرفِ الكرةِ الأرضيةِ: كالصينِ، أوأسبانيا، أو روسيا، أوكولومبيا، أو أوقيانوسيا، مطرقا هو الآخرُ رأسَه للأسفلِ، ويحملُ بينَ يديه محمولا يتصفَّحُ من