عيد ميلاد (ربع قرن)


الساعة تشير إلى الثانية عشرة و النصف .. !

وهي التي تشير أيضا إلى دخولي في عالم النصف الاخر من العشرينات في العمر ..  عمري الذي أصبح ستٌ و عشرون سنة

من على المقعد رقم ٤٩ في الطائرة وبجوار النافذة التي تنبعث منها أنوار العاصمة الرياض ، نحو المدينة التي ترعرعت وحيث أنتمي دوما ، حتى وإن حالت بيننا الظروف وتباعدت بيننا خطوط الطول و العرض .. (أبها) ، أجدني مع مصادفة الاقدار أعود إليها في رقمي الجديد الكائن بـ ٢٦ سنة ودون تخطيط مقصود لذلك ! .. 

كم أتمنى إيقاف الزمن و عدم تقدمه .. كي أبقى كما أنا متعاطيا لاحد أكسيرات الحياة التي لطالما رويت في كتب القصص الخيالية !! 

أستعرض لحظات سعادتي بين الحين والاخر بعد بعد ربع قرن و يزيد  ، فلا أجدها تتعدى الاصابع العشر التي أستعين بها الان للكتابة على الجوال المحمول  !! 

يبدو أن ما نتخيله كبيرا و طموحا و رائعا وما يبقينا نحيا لاجله سيبقى بعد أن نبلغه بسيطا و عاديا و خطوة من أجل أخرى نظن أنها أكثر بهاءا و جمالاً

ولماذا كل ذلك ! لماذا نختزل سعادتنا في إنجاز نصبو إليه فقط ! أو وظيفة أحلام نجد أنفسنا من خلالها ؟ أو سيارة جديدة ذات رفاهية عالية على الطرقات ! أو حتى بيت ضخم يكفينا أن نعيش في جزء منه ونترك الباقي كي يراه الناس فيملؤه بالمديح الجارف (والمبالغ فيه) ليسعدنا ، يخدرنا ، يجعلنا نعلو كبرياء و غطرسة


قد نرى سعادتنا في شئ بسيط أبسط مما نتوقع في جزيئات يومنا ، كمشهد طفلة تداعب أبيها ببراءة ، أو عامل يسقي طيراً ماءا في صبيحة يومه ليقيه حر الشمس اللاهب ، أو كوب قهوة نرتشفه بكل حب ، لا لرغبة تصويره وتوثيقه في ألبوم الصور فقط ، بل ليجعلنا نحلق دون قيود ، ودون شروط ، عاليا في السماء كطير باسط جناحيه في الافق  ! 


هذه هي السعادة الحقيقة ، أن تجعل من نفسك ماكينة سعادة ترى الصغير من الاشياء فتنتعش ، تحيا حياة أخرى غير التي تُعاش ، تتيقن أن للحياة ألوان أخرى غير تلك التي احتكرت بالابيض و الاسود فقط ، كعلبة ألوان ترسم ألوان الفرح ، في كل يوم هناك شئ جديد ، شئ مختلف ، حتى في روتينك المقيت ، هناك ما هو متفجر بالجديد ، و المختلف ، و المميز .. لكنه لا يسكن إلا في بعض السكنات و الوقفات التي لا تلقي لها بالاً


فهو لا يرى بعين ضيقة ، بل بعين واسعة ، واسعة جداً ، كالتي أعتقد وأني أعيشها الان بعد ربع قرن ، وفي أول دقائق حياتي القادمة مع سيل الاحرف الذي يتدفق من مفكرتي  .. !

لتكن جديدة يا أنا ، مختلفة عمن سبقتها من فصول الحكاية .. لاستمتع بالبسيط ، لانه وبكل تأكيد سيقودني لذلك الذي لطالما كان في عباءة الحلم ، لانه سيتكشف ولو بعد حين بسعادته المزورة أو شعوره البارد المزيف بعبارات التمجيد و التهليل  ! 

رحلة سعيدة في الباقي من العمر


وكل عام وأنت أبسط .. أبسط مما تتخيل



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا كل شخص منا عليه أن يتعلم (علم البيانات) ليحظى بوظيفة مضمونة في المستقبل!

إهتمام مشترك !

تقرير السفر والدليل الكامل لدولة تايلاند مايو 2022

كتب السيرة الذاتية الرياضية … حكايات في عشق الساحرة المستديرة

أخطائي الثلاث مع الصيام المتقطع؟ وعن كيفية حلها!

كيفَ تعيشُ لعمرٍ أطولَ؟ تسعةُ أسبابٍ غيرِ متوقعةٍ تكشفُ لكَ المجهولَ!