حزن في فرح !

يجرّ المهاجر معه أحزانه ..

ولا يجعل من ثغره باسماً إلا مناسبات خاصة وضعها التشريع (كي لا يموت) ومن سواه (وحيداً) في دروب الحياة كونها رحلة بعيدة من أجل لقمة العيش

ها أنذا بعيداً عمن أحببت ، (رابطة الأهل) ما تربيت عليه وإقتداء بالسنة صباحا بأكل وتر من التمر ، مع رؤية ملبدة بالبخور الذي يلف المكان ، ورائحة العود الذي على كف أبي مع بصمة صوته التي تملأ أرجاء المكان كآوامر عسكرية استعداداً للعيد الكبير ..

و وجبة فطور معدة من قبل أمي بكل أصنافه شهي ، فمنذ نعومة أظفاري كانت وما زالت لا تعد إلا كل ما هو رائع مستساغ ، يدها التي حضرت طبق العريكة الشعبي مع العسل السائغ و كثيرا من السمن البلدي وقليلا من التمر المتواجد في أنحاء الطبق .. يلتهم في دقائق معدودة

وهناك أخي الذي يهتم لمظهره في أدق تفاصيله من أعلى رأسه حتى أخمص قدماه ، وآخر يتلكأ منهم محتارا فيما يلبس صباح ذلك اليوم وباقي يومه ..

وذلك الشبل الصغير لا زال قابع في غرفة نومه يصارع نومه مع يقظته ، وأخت تنشر السعادة وحيدة كأنها ولوحدها ككوكب دري .. ! 

تأتي بعدها مراسم توزيع (العيديات) ومع أنها لا زالت مبالغ لا تذكر لكنها تبقى ولوحدها مصدر سعادة و طعم أبدي متجدد لمظاهر العيد ، وللإستعداد للعيد يذهب الجميع في مركب واحد لحضور خطبة و صلاة العيد في الجامع الكبير لترى الأمة و قد اجتمعوا على نفس الأمور السابقة في بيوت مجاورة .. تملأهم سعادة العيد ، وفرحة مشاركته ، من طريق نشق طريقنا للصلاة و من آخر نعود منه إلى مركبتنا الذي أقلنا نحوه

بعيداً عنهم عشت ولأول مرة طعم العيد المّر ، تحت طائلة تغطية أعباء العمل ممن لم يستطع أن تسعفه ظروفه أن يكون متواجداً مع باقي زملائه .. 

عرفت في هذا اليوم شعور العزلة و معنى أن تكون بعيداً عن أهلك الأقربين الذي يعيشون في مكان وزمان آخر

كم تمنيت أن يقول أحدهم لي ممن (لا أعرف حتى) كل عام و أنت بخير ! لأرد عليه بأضعاف مما قال ! ولأحضنه بعيني قبل جسمي ! و لأصافحه كشخص طال بي الزمن كي ألتقيه من جديد

و كي أكون مشاركا لا مستمرا في جرّ أذيال خيبة الحزن ، شاركت بطبق حلوى رمزي ممن أعمل معه وممن قابلت ، كي أراهم كأهلي و أصدقائي و وأقاربي ولكني لم أفطن كونهم (غرباء مثلي) و لأجل لقمة العيش أتوا هنا ، و تعابير وجوههم صمت مطبق ، وحزن يتلوه حزن يتلوه حزن ، حتى وإن لم تعبر بذلك كلماتهم

مددت يدي بالطبق الذي بحوزتي له ، وبرّد المجاملة يتسع وجهه قليلا ليجعل من الابتسامة مساحة في وجهه يرد : (شكرا) ، يطأطئ رأسه للأرض ويكمل عمله في صمته القاتم الحزين ، رويدا رويدا تختفي تلك الابتسامة التي أظهرها للتو ، ربما يُبقي منها لمجاملة أخرى قد تكون قريبة تُنسى ، أو بعيدة لا تسعفه ذاكرته لتخزينها أصلا  ! 

(أهلي) ، (أصدقائي) ، (أقرابي) ، اشتقت لكم

كل عام و أنتم بخير ❤️

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا كل شخص منا عليه أن يتعلم (علم البيانات) ليحظى بوظيفة مضمونة في المستقبل!

إهتمام مشترك !

تقرير السفر والدليل الكامل لدولة تايلاند مايو 2022

كتب السيرة الذاتية الرياضية … حكايات في عشق الساحرة المستديرة

أخطائي الثلاث مع الصيام المتقطع؟ وعن كيفية حلها!

كيفَ تعيشُ لعمرٍ أطولَ؟ تسعةُ أسبابٍ غيرِ متوقعةٍ تكشفُ لكَ المجهولَ!