أنا إنطوائي !



الانطوائية أو كما يسمى تهكما من الغير (القوقعة) ! 


بعد قراءاتي لكتاب سوزان كين (الهدوء) والذي يغوص في بحث علمي عن عالم الانطوائين وكيف أن ما مجموعه ثلث إلى نصف المجتمع هم من أبناء هذا التصنيف بدأ يثور في مخيلتي الكثير من الاسئلة و الكثير العالق بين ثنايا الذكريات التي عشت عن ماهية الانطوائية وكيف استطعت إسقاطها على ما قد مررت به أبّان حياتي السابقة وما إستوعبته بعد ذلك


أيقنت تماماً بإنطوائيتي وعزلتي التي وبكل فخر جعلتني كما أبدو اليوم .. 


الكثير ممن هم عظماء كانوا في بدايتهم إنطوائيين أو خجولين في مخالطة الناس ، كانوا في معبدهم أو معتزلهم منفردين عن من هم سواهم .. بعدها كان لهم عظيم الأثر فيما بعد على مجتمعهم الذين يعيشون فيه بعد ذلك


تعلمنا دوما أن الأفضل لمن هو مبادر و إجتماعي أو صاحب الكلام الذي لا يهدأ ، من يكر و يفر ويقود مجموعات شتى ، ونلوم ذلك الطفل المبتعد أو نرمقه بعين الرحمة و الشفقة لانه لم يخالطهم ومن هو بعيد عن من هو قائد بطبيعته كثير الحركة (قليل البركة) !! 



ولم يعلموا أبداً أن ذلك المبتعد لديه من المواهب و العطايا وسرعة البديهة وقوة الملاحظة ما لم يملكه عموم من تطبع بطبع الانفتاحية أو ممن هو مولود بهذه الصفة .. !



بالطبع لست من مؤيدي العزلة الكاملة أو الاختلاط الكلي ، ولكن بين هذا وذاك ، أن تدرك متى أن تكون بحاجة الناس ومقابلتهم ، ومتى أن يكون لنفسك عليك حق بأن تختلي بها لتطلق عقلك معها في الأفق .. كأن تصمت ساعة ، وتصرخ خلال الساعة في دماغك مطلقا عنان الافكار التي لا تتوقف ، بعد أن تحمصها و تطبقها واقعا قبل أن تعود لحياتك الحقيقة .. 



شوهت مبادئ الانطوائية في أعين الاغلب من الناس لانهم لم يفهموها حق فهمها ، جعلوا الفرص كلها رهينة بالمنفتحين العبثيين الفوضويين



ولم يدركوا بأن العين الشاخصة سريعة البديهة و قوية الملاحظة من الانطوائيين هم سر نجاح أي منظومة مشاركين فيها .. كالتخطيط الاستراتيجي أو التحليل العميق قبل الخطوة التالية ، لانهم فريدون من نوعهم كونهم يملكون خصالاً تؤهلهم لعمل شئ فريد من نوعه



المدارس لدينا ولدى غيرنا مجموعة من الناس المتحلقين حول طاولة واحدة يقودها طفل أو طفلين .. المكاتب لدينا مفتوحة لدى بعضها البعض من غير زجاج مؤملة في كسر الحواجز و العيش سويا نحو بيئة إيجابية إجتماعية ، حلقات النقاش التي تدار بيئن فئتين هو ما مجموعه أشخاص ووممثلين لهؤلاء الاشخاص ممن يقودون الحوار و ويتكلمون بأفكاره ، جلسات العصف الذهني التي يكون فيها القوي من يتحجج برأيه ويرفع بصوته عاليا كي يثبت أن على حق فقط كونه ذو كاريزما قوية وصاحب حضور قوي !! 



لا أطلب منك أن تكون إنطوائيا كي تتفهمني أو تتفهم غيري من هو على شاكلتي ، لكن عليك أم تفهم بأن ٣-٥ أشخاص من كل ١٠ هم إنطوائيين و إن أتقنوا دورهم بأنهم من جلدة المنفتحين عبثا !! 




أعطهم الفرصة وسترى كيف يجوبون الافاق كي يثبتوا أنهم وعلى غير المتوقع أفضل من المنفتحين ذووا الحركة دون (البركة) !!




أتمنى أني نافحت عليك عزيزي الانطوائي قدر الممكن ، إن فشلت لن يضيرني شيئاً ، و إن نجحت فأنت شريك معي في ذلك ، حتى و إن كان نجاحنا في أن شخص واحدا فقط تشجع لقراءة كتاب سوزان (الهدوء) كي يفهمني ويفهمك على الأقل  ! 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا كل شخص منا عليه أن يتعلم (علم البيانات) ليحظى بوظيفة مضمونة في المستقبل!

إهتمام مشترك !

تقرير السفر والدليل الكامل لدولة تايلاند مايو 2022

كتب السيرة الذاتية الرياضية … حكايات في عشق الساحرة المستديرة

أخطائي الثلاث مع الصيام المتقطع؟ وعن كيفية حلها!

كيفَ تعيشُ لعمرٍ أطولَ؟ تسعةُ أسبابٍ غيرِ متوقعةٍ تكشفُ لكَ المجهولَ!