متخلف عنهم !


كنت دائما ما أحمل تساؤلا في مراحلي العمرية المبكرة (المراهقة) .. لماذا من هم قبلنا لا يفهمون تقدم عصرنا عن ما كانوا قد عايشوه في قديم حياتهم  !! 

نتحدث بمصطلحات لا يفهمون فحواها .. نقنع آبائنا بفعالية جهاز ما نريد إقتنائه لانه سيسهم في سعادتنا في المقام الأول وفي تيسير سبل الحياة !! 

نشعر دوما بغصة الفجوة الكبيرة التي تفصلنا عنهم .. هم أبناء جيل عفى عليه الزمن ، ونحن ومن بعدنا جيل سيحمل على عاتقه التقنية ، واللغات ، وعلم المصطلح الجديد و المتجدد

لم أكن أعلم بأني وفي مرحلة عمرية صغيرة للوهلة الأولى أن أعيش بمعزل حقيقي !! 

بلغت من العمر ٢٦ سنة ، حين أخوض حوارا ما أو محادثة عابرة مع من يصغرني بالسن أجدني لا أفهمهم .. كلماتهم ، تقليعاتهم ، طريقة مزاحهم ، ميولهم الغريبة و المختلفة كليا عن ما عايشت ، وسائلهم الجديدة للمرح

وحين أقارن ما أملك من عدد سنين بهم لا أجدها تتعدى الثلاث من السنين فقط  !! 

لم أكن أشعر بأني حاضر بالجسد ، ولكنني متخلف عن الركب قليلا عقلا و روحا  ! 

أستحضر مرة أخرى اهتمامتهم تلك وطرق عيشهم التي يروون من وجهة نظرهم بأنها حديث المجتمع و الشارع ، أجدها بالية ، ليست ذو فائدة ، هي من ركب القطيع الذي دوما ما كان جنبا إلى جنب مع تطور الحياة بأساليبها الجديدة دون تمحيص دقيق بأيها يعود بفائدة و أيها ما هو مضيعة للوقت


أحاول أن أتراجع قليلا إلى الوراء كي أنظر للصورة الكلية .. دوما كانت أقول بأنني كنت محظوظا بأن عاشرت فترة التسعينات ، عايشت حياة البساطة .. أن تكون من الطبقة المتوسطة التي تعم الجميع ، تشارك ذكرياتهم في الطفولة لتجدها نسخ مكررة من كل بيت تقريبا ، الرسوم المتحركة ، الحياة المرتبطة بالصفح و المغلفة بالطابع الديني الغير متكلف ، أن تصحو كل يوم ويكون جل همك دراستك التي تبدأ عند السابعة وتنتهي في الثالثة عصرا من كل يوم

ومن ثم الانتقالات السريعة في التطور وهلم جرّ .. لنصل ما نصل إليه اليوم

لم يأتي ببالي ولو للحظة أن أكون متخلف عن من أتى بعدي في هذه الدنيا ، كأن يراني الان ويجدني لا أفهمه ، فيبدأ ضاحكا مستهزئا ، ويرميني بتعلقات يشعر فيها أنه يهمشني و يزيلني من خريطته وكأني أعجمي أتى لمنطقته التي لا أعرف لها ساحل أو يابس

نتطور كل يوم بشكل عجيب ، أشعر بأن الكثير منها ليش في مكانه الصحيح ، الكل يجرب ولا يعلم ربما هل يعود عليه بالنفع أو لا ، فتح العالم على مصراعية ، واللّب الاساسي لكل هذه الاشياء هو الانترنت بفضائه الوسيع ، ما يجمع فيه بين الغث و السمين !! 


ربما وأقول ربما بعد فترة ليست بالبعيد ، حتى و إن كان الفارق سنة بينك وبين من يأتي بعدك ، ستجد الاختلاف ، ليقصوك من دائرتهم ، لتعيش فقط مع من هو مولود في سنتك تلك .. لتحيا معهم وتموت أيضاً

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا كل شخص منا عليه أن يتعلم (علم البيانات) ليحظى بوظيفة مضمونة في المستقبل!

إهتمام مشترك !

تقرير السفر والدليل الكامل لدولة تايلاند مايو 2022

كتب السيرة الذاتية الرياضية … حكايات في عشق الساحرة المستديرة

أخطائي الثلاث مع الصيام المتقطع؟ وعن كيفية حلها!

كيفَ تعيشُ لعمرٍ أطولَ؟ تسعةُ أسبابٍ غيرِ متوقعةٍ تكشفُ لكَ المجهولَ!