"الأسرار" في هذه المقالة يشجعك العلماء "وبالأدلة" أن تحكي أسرارك بدلا من كتمانها !

الأسرار الجاثمة على صدورنا قد تقيد حياتنا لتجعلنا رهائن للقلق ، من ثم الاكتئاب ، وربما في مراحل متقدمة التفكير جديا بالإنتحار !

إخبار الاسرار ، أو تلقيها ، المهمة الاكثر شقاء وصعوبة ، فهل هي مفيدة دوما ؟
في منصة Tedx إليزابيث مكارثي في محاضرة بعنوان why you should spill your secret ?
تؤكد على ضرورة مشاركة الأسرار .. وذلك حتما مع من نثق ، كون ذلك بوابة أمل من العزلة التامة نحو تواصل أكثر فعالية مع الآخرين مما يوثق العلاقة لاحقا وجعلها أكثر متانة وصلابة ، لأنك وببساطة كشفت جانبا شخصيا من حياتك كنت تخجل منه للآخر الذي استأمنته على سرك ليصبح هو أيضا شريك هذا السر الجديد الطارئ في حياته بكونه أكثر قربا وتفهما لك عن ذي قبل !
تخبرنا إليزابيث بأن الشجاعة الحقيقة هي كسرك لقيودك الذاتية التي كانت تشل حركتك بإخبارك أحد أسرارك للآخر ، أن تكشف ذاتك العميقة المطمورة هي شجاعة لا تضاهيها ربما شجاعة أحد فرسان المعارك ممن هم في أوائل صفوف الحرب !
إليزابيث تقول أيضا بأن قيامك بتدوين أسرارك على الورق هو ما سيرفع مناعتك من الاصابة بالامراض ، والحصانة منها مثل "القلق ، الاكتئاب، التوتر ، الالتهابات" هي تشجع على ذلك حينما لا تملك من تستأمنه على أحد أسرارك !
عدد من الأخصائيين النفسيين يرون بوجود مؤشرات تفيد بأن كتم الأسرار في الصدور يُفسد الهناء النفسي لأصحابها إلى حد كبير، إحصاء الدراسة الصادر في مجلة Journal of Personality and Social Psychology أظهرت أن أكثر الأسرار التي يكتمها الناس تتعلق بالجنس والشهوة وأدناها تتعلق بالأمور المالية !

مايكل سليبيان (سيكولوجي من جامعة بريتيش كولومبيا) ينصح من اضطرتهم الحياة لكتمان أسرار كثيرة بأن يحاولوا قدر الإمكان ألا يستغرقوا في التفكير فيها حين يكونون لوحدهم، بل ويوجههم إلى الاستفادة من المنصات الإلكترونية لكتابة ومناقشة ما يقلقهم البوح به علنا تحت اسم مستعار !
في محاضرة أخرى على منصة تيد التعليمية Tedx كريستي سباجون بعنوان “You’re only as sick as your secret” تقول بأن واحد من (٣-٥-٨ )أشخاص هو معرض للاكتئاب ، قلق ، انتحار ، أو إلى العنف الجنسي ..
هي الأخرى تؤكد على ضرورة بناء مجتمع كامل يحث على إخبار الإسرار ومشاركتها للآخرين لأنك وبذلك ستكون أكثر تعاطفا وتفهما للآخرين ، وهو ما سيجعلك في المقابل أن تكشف عن نفسك دون خجل أو تواري عن الأنظار وذلك حينما يستحثك جمع كبير أقدم على الادلاء بأسراره دون شعور بالعار !
أما المتحدثة كريستين جونسون في محاضرتها التي بعنوان " The secret that almost killed me “  في Tedx أيضا نشرت أرقاما و إحصائيات مقلقة تجاه كتمان الأسرار ، بقولها أن في بعض الأحيان من المفهوم لجوء من قد تعرضوا لعنف وإنتهاك جنسي  نحو إدمان الهروين أو الحشيش أو حتى الكحول ، ذلك البحث الحثيث نحو سعادة لحظية والتي تنسيك واقعك المرّ !
تقول كريستين بأن العنف الجنسي وذلك الإستغلال الأهوج والغوغائي لمرحلة الطفولة هو ما سيعرض ذلك الطفل ٦ مرات لمشاكل إضطرابات ما بعد الصدمة PTSD مقارنة بمن لم يتعرض لأي إنتهاك بمن هم بنفس العمر ..
وهو ما يعرض نفس الطفل "المنتهك" أيضاً لأن يكون ضحية مجددا من مرتين لسبع مرات ، وبسبب معاناته لاضطرابات ما بعد الصدمة ستكون ردة فعله التبلد أو الشلل الكامل حتى من الدفاع عن النفس ولو بالصراخ !
هؤلاء الاطفال لاحقا هم أيضا معرضين لأن يكونوا أحد مدمني تعاطي الكحول لنحو ٦ مرات مقارنة بغيرهم ممن لم يتعرضوا لأذى في طفولتهم ..
وهم كذلك معرضين ٣ مرات عن أولئك الطبيعيين في إصابتهم بإضطرابات القلق العميقة والمؤرقة صعبة العلاج !!
وهو ما سيؤدي لاحقا في حتمية إرتفاع نسب الانتحار ، مشاكل الأكل ، أو تعاطي الحبوب المخدرة !
العار هو من لا يوصف لك المشكلة الحقيقة ، الطبيب النفسي قد يشير بأن المريض ضحية لاضطرابات ما بعد الصدمة ، ولكن السبب الحقيقي لا يمكن البوح به لأن العار والفضيحة هي من تجعل الضحية يكتم السر الحقيقي في مشاكله النفسية ، وذلك خوفا من حكم الطبيب المعالج أو تلقي الدروس منهم أو الخوف من تدوين كل ذلك في ملفهم المرضي مما يضطر المريض لاحقا للتوقف وعدم مواصلة زيارة الطبيب المعالج في حالة تواجده من الأساس !
على صعيد مختلف ، ديريك سيفرس في محاضراته Keep your goals to your self من خلال محاضراته أيضا على منصة TedX يقول بأنه تم إجراء دراسة على ١٦٣ شخص تم تقسيمهم على مجموعتين أحد هاتين المجموعتين أخبرت بأهدافها الشخصية خلال فترة مقدرة من الزمن والأخرى التزمت الصمت ..
في المجموعة التي أخبرت بأهدافها صراحة كانت تعمل نحو أهدافها بشكل يومي في ٣٣ دقيقة من اليوم ويصرحون بأن الهدف الذي سيبلغون مناله قريب و سهل !
بينما المجموعة الأخرى التي التزمت الصمت وسعت نحو أهدافها كان معدل عملهم على أهدافهم تلك ٤٥ دقيقة بشكل يومي مع تصريحهم بأن أهدافهم طويلة و صعبة جدا !
هذا الفارق بين المجموعتين يظهر لك جليًا مقدار أهمية إبقاء أهدافك الخاصة طي الكتمان حتى بلوغها ، لأن الادلاء بها ومن ثم سماع الثناء عليها من قبل الاخرين سيجعل عقلك يظن أنك حققتها بالفعل ، مما سيقود نحو إنتاجية أقل من ثم تلاشي كل ما سعيت له لاحقا !
فبدلا من التصريح علانية بأهدافك قم بها بشكل غير مباشر كأن تقول : " أود تجربة شيئ ما لمدة خمسة أيام بالأسبوع في ٤٥ دقيقة " كاقتراح وليس كالإخبار علانية بأحد أهدافك الخاصة و السرية !
الاسرار عالم كبير ، بعضهم يؤثر الصمت على القول إما احتراما أو خجلا من تشوه صورته الذاتية نحو الآخرين ، فقد يقوم أحد الوالدين مثلا بإخفاء سر عن أبنائهم بغية الصورة المثالية التي لا تنشرخ بمجرد كشف هذا السر ، لأن يكون مثاليا وملائكيا لأبنائهم ، ولكي لا يقع أحد أبنائهم في خطئهم الذي اقترفوه ، كتعاطي الكحول مثلا أو الأدوية المخدرة أو التدخين على أقل تقدير !
وهناك فئة لا تستحي على الاطلاق بأن تكون مكشوفة النوايا والاسرار كأن يصرحوا علانية بأنهم على علاقات سرية ومشبوهة مع عدة نساء أو رجال على ، أو أن يخبرك أسرار بيته المحرمة مما قد لا تسمح به شريكته في الحياة ، كل ذلك في سبيل أن يضحكك أو أن يشاركك لمجرد أن شارك سره هذا مع غيرك كونك لا تشكل فارق كبير عن منهم سواك من قبل !
أما عن الاخبار بالأهداف أو مقاصدك من الحياة فلا يأتي على ذهني سوى حدث نبينا محمد بوصيته عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود" !
ظهر مؤخرا حراك جيد في مشاركة ممن عانوا من قبل أحد الاضطرابات النفسية ، على وسائل التواصل الاجتماعي كتويتر أو البودكاست ، لأن يخبروا الاخرين كيف عانوا ، وكيف عاشوا هذه المعاناة ، فبعضهم قد نجح في حل مشكلته ، وبعضهم ما زال يتخبط لكنه لم يستسلم ، المشاركة بحد ذاتها تشجع غيرك على الأمل و حب الحياة برؤية جانبها المشرق دوما !
أحد تلك الاسهامات الجيدة بودكاست وجدان والذي يحكي ما قد لم بعديد من المصابين بالاضطرابات النفسية مع قصة جديدة في كل حلقة يحكي فيها المصاب حكايته بكل شجاعة وتجرد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا كل شخص منا عليه أن يتعلم (علم البيانات) ليحظى بوظيفة مضمونة في المستقبل!

إهتمام مشترك !

تقرير السفر والدليل الكامل لدولة تايلاند مايو 2022

كتب السيرة الذاتية الرياضية … حكايات في عشق الساحرة المستديرة

أخطائي الثلاث مع الصيام المتقطع؟ وعن كيفية حلها!

كيفَ تعيشُ لعمرٍ أطولَ؟ تسعةُ أسبابٍ غيرِ متوقعةٍ تكشفُ لكَ المجهولَ!